responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 227
وَكَذَلِكَ مَنْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَوَانِي أَوْ الثِّيَابُ وَقُلْنَا يَجْتَهِدُ فَإِنَّهُ يُجْزَمُ بِوُجُوبِ الِاجْتِهَادِ عَلَيْهِ وَلَا تَرَدُّدَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ أَلْبَتَّةَ بَلْ الْقَصْدُ جَازِمٌ وَالنِّيَّةُ جَازِمَةٌ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةَ النَّظَائِرِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا ثَلَاثًا وَيُصَلِّي رَكْعَةً وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَمْ لَا لَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَادَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فَكَيْفَ يَسْجُدُ مَعَ أَنَّهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ شَكَّ هَلْ زَادَ أَمْ لَا لَا يَسْجُدُ فَتَصِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُشْكِلَاتِ وَيَتَعَذَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَمْ لَا وَبَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَقَدْ ذَكَرْت هَذَا الْإِشْكَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ الْأَعْيَانِ فَلَمْ يَجِدُوا عَنْهُ جَوَابًا ثُمَّ أَنَّهُ كَيْفَ يُصَلِّي هَذِهِ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَامَ إلَيْهَا وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فَكَيْفَ يَنْوِي التَّقَرُّبَ بِهَا مَعَ عَدَمِ الْجَزْمِ بِوُجُوبِهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً خَامِسَةً وَأَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً رَابِعَةً وَمَعَ التَّرَدُّدِ لَا جَزْمَ
وَالْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ جَعَلَ الشَّكَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ سَبَبًا لِوُجُوبِ رَكْعَةٍ وُجُوبَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَقْتَضِي عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَصْفَ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَصَاحِبُ الشَّرْعِ قَدْ رَتَّبَ هَذِهِ الْأَحْكَامَ عَلَى الشَّكِّ فَقَالَ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَأْتِ بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ يُرْغِمُ بِهِمَا أَنْفَ الشَّيْطَانِ» فَرَتَّبَ الْأَحْكَامَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الشَّكِّ الْمَذْكُورِ وَالتَّرْتِيبُ دَلِيلُ السَّبَبِيَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ إذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ وَإِذَا أَحْدَثَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ عَنْهُ إلَّا سَبَبِيَّةُ الْأَوْصَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِهَذِهِ الْأَحْكَامِ فَيَكُونُ الشَّكُّ سَبَبَ وُجُوبِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَسُجُودِ السَّهْوِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ أَسْبَابُ السُّجُودِ ثَلَاثَةً الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ وَالشَّكُّ وَهَذَا الثَّالِثُ قَلَّ أَنْ يُتَفَطَّنَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَلَا تَجِدُ مَا يُسَوِّغُ عَلَى مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ غَيْرَهُ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّكِّ فِي سَبَبِ السَّهْوِ وَبَيْنَ الشَّكِّ فِي الْعَدَدِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ شَكٌّ فِي السَّبَبِ وَالثَّانِي سَبَبٌ فِي الشَّكِّ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّكَّ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّرْعُ مَحَلَّ السَّبَبِيَّةِ فَذَكَرْته بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لِيَحْصُلَ التَّقَابُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ طَرْدًا وَعَكْسًا (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)
وَقَعَ فِي بَعْضِ تَعَالِيقِ الْمَذْهَبِ أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ وَصَلَّى الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ السَّبَبِ فِي الشَّكِّ]
الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ السَّبَبِ فِي الشَّكِّ)
بِمَعْنَى أَنَّ الشَّكَّ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّرْعُ مَحَلَّ السَّبَبِيَّةِ وَمَوْصُوفًا بِهَا وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ السَّبَبَ فِي الشَّكِّ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَنْ شَكَّ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ وَنَظَائِرُهَا الْوَاقِعَةُ فِي الشَّرِيعَةِ لَا يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ وَتَتَقَرَّرُ مَعَهُ الْأَحْكَامُ ضَرُورَةً أَنَّ الْمُتَقَرِّبَ جَازِمٌ فِيهِ بِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَبَبُ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ الشَّكُّ وَالْوَاجِبُ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ.
وَدَلِيلُ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ الْإِجْمَاعُ أَوْ النَّصُّ وَالشَّكُّ فِي السَّبَبِ كَمَا فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الصَّانِعِ يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ وَلَا يَتَقَرَّرُ مَعَهُ حُكْمٌ ضَرُورَةً أَنَّ الْمُتَقَرِّبَ لَمْ يَجْزِمْ فِيهِ بِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا بِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ الشَّكُّ وَلَا بِوُجُودِ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ وَلَا بِوُجُودِ دَلِيلِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ الْإِجْمَاعُ أَوْ النَّصُّ فَالْجَمِيعُ مَجْهُولٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ لَا مَعْلُومٌ فَلِذَا حَكَى الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ انْعِقَادَ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَعَذُّرِ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ وَانْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَحْكِي الْإِجْمَاعَ فِي تَعَذُّرِ هَذَا وَهُوَ وَاقِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي عِدَّةِ صُوَرٍ فَإِنَّ غَايَةَ هَذَا النَّاظِرِ قَبْلَ أَنْ يَنْظُرَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَانِعٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَأَنْ يَكُونَ هَذَا النَّظَرُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ قَصْدَ التَّقَرُّبِ بِدَلِيلِ مَا وَقَعَ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَنْوِيَ التَّقَرُّبَ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَإِذَا وَقَعَ فِي الشَّرِيعَةِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ جَازَ شَكُّهُ فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ وَتَكُونُ حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ فِي تَعَذُّرِهِ خَطَأً بَلْ يُمْكِنُ قَصْدُ التَّقَرُّبِ بِهِ وَلَا يَنْفَعُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي صُورَةِ النَّظَرِ الْأَوَّلِ فِي الْمُوجِبِ وَفِي صُورَةِ غَيْرِهِ الْوَاقِعُ فِي الشَّرِيعَةِ فِي الْوَاجِبِ إذْ كَمَا لَا يُمْنَعُ الشَّكُّ فِي الْوَاجِبِ كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ فِي الْمُوجِبِ لِأَنَّ غَايَةَ الشَّكِّ فِيهِ أَنْ يُفْضِيَ إلَى الشَّكِّ فِي الْوَاجِبِ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ وُجُودِ الْمُوجِبِ وَسَبَبِ الْوُجُوبِ وَالْوَاجِبِ وَدَلِيلُ الْوُجُوبِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فِي صُورَةِ النَّظَرِ بَلْ مَجْهُولٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَفِي صُورَةِ غَيْرِهِ الْوَاقِعِ فِي الشَّرِيعَةِ مَجْزُومٌ بِهِ فَالْأَوَّلُ شَكٌّ فِي السَّبَبِ وَالثَّانِي سَبَبٌ فِي الشَّكِّ فَافْتَرَقَا وَبِعِبَارَةٍ أَنَّ الشَّارِعَ شَرَعَ الْأَحْكَامَ وَشَرَعَ لَهَا أَسْبَابًا وَجَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَرَعَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّكَّ فَشَرَعَهُ فِي عِدَّةٍ مِنْ الصُّوَرِ حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا مَا إذَا شَكَّ فِي الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ وَالْمَيْتَةِ حَرُمَتَا مَعًا وَسَبَبُ التَّحْرِيمِ هُوَ الشَّكُّ وَمِنْهَا مَا إذَا شَكَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ حَرُمَتَا مَعًا وَسَبَبُ التَّحْرِيمِ هُوَ الشَّكُّ وَمِنْهَا مَا إذَا شَكَّ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ وَسَبَبُ وُجُوبِ الْخَمْسِ هُوَ الشَّكُّ وَمِنْهَا مَا إذَا شَكَّ هَلْ تَظْهَرُ أَمْ لَا وَجَبَ الْوُضُوءُ.
وَسَبَبُ وُجُوبِهِ الشَّكُّ وَمِنْهَا مَا إذَا شَكَّ هَلْ صَامَ أَمْ لَا وَجَبَ الصَّوْمُ وَسَبَبُ وُجُوبِهِ الشَّكُّ وَمِنْهَا مَا إذَا شَكَّ هَلْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ أَمْ لَا وَجَبَ إخْرَاجُهَا وَسَبَبُ الْوُجُوبِ الشَّكُّ وَمِنْهَا بَقِيَّةُ النَّظَائِرِ الْكَثِيرَةِ فِي الشَّرِيعَةِ وَقَدْ يُلْغِي صَاحِبُ الشَّرْعِ الشَّكَّ فَلَا يَجْعَلُ فِيهِ شَيْئًا كَمَا فِي صُورَةِ النَّظَرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ مَجْهُولٌ كَالْمُوجِبِ وَالْوَاجِبِ وَدَلِيلِ الْوُجُوبِ وَسَبَبِهِ كَمَا عَلِمْت فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ الَّذِي هُوَ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 227
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست